الفقد والعزاء- نظرة في الحياة، الذاكرة، والعشق الخالد
المؤلف: عبده خال10.21.2025

إن تجربة الفقد بالموت تمثل حالة عميقة من الاضطراب الوجودي، فكل رحيل لشخص عزيز يترك ندوبًا لا تُمحى، ويُحدث زلزالًا في أعماق النفس، مما يؤدي إلى تشتت الأفكار وضياع الكلمات، ويجعل اللسان عاجزًا عن التعبير عن المشاعر المتأججة. لقد سبق لي الكتابة عن هذه الحالة الموجعة، ولا بأس من استعادة تلك الكلمات، فإيماني الراسخ بانتقال الحياة في صور متنوعة، يدفعني للتخلي عن العديد من الالتزامات الاجتماعية التي تتخذ شكل مراسم وداع لأشخاص أكنّ لهم الحب والتقدير.
بهذا التخلي، تظل جذوة الحياة متقدة في داخلي، حتى وإن صرت مجرد ذكرى باهتة!
إن مجالس التأبين تُعد منغصًا للحياة ومُعكرًا لصفوها.
فكلما فقدت شخصًا عزيزًا، لجأت إلى التأبين محاولًا ردم الفجوة التي خلفها في صرحك الذاتي.
جميع الراحلين هم بمثابة لبنات تتهاوى من كياننا، فلا نجد سبيلًا سوى الانغماس في حزن عميق على ما فقدناه من ذواتنا.
ما أسرع انقضاء الزمن وتبدل الأحوال!
وكلما مضينا قدمًا في هذه الحياة، فقدنا جزءًا من أرواحنا، مما يجعلنا نستشعر دنو الأجل.
إن جرار الفخار قد صُنع من الطين، ومهما طال استخدامه، فإنه حتمًا سينكسر، والانكسار يعني فقدان الحالة الطبيعية، وتصبح مجرد شظية بعد أن كانت إناءً ذا قيمة!
كلنا أوانٍ لا نزال قيد الاستعمال من قبل القدر والآخرين، ولكننا في نهاية المطاف سنغدو مجرد كسرات لا يجمع بيننا سوى أثر الانكسار!
ليس للانكسار عمر محدد، فقد تنكسر الآنية بين يدي صانعها، وقد تعمر لتصبح إرثًا تاريخيًا أو أداة استدلال أثري، ومهما طال بنا الزمان، فمصيرنا الانكسار!
لذا، لا أكره أمرًا بعينه قدر كراهيتي للتأبين، أفر منه فرارًا مذعورًا من حيوان مفترس، وغالبًا ما أتجنب تعزية الآخرين في فقيدهم، وذلك لأن لغة العزاء تبدو لي لغة ميتة، فكيف لي أن أعزي ميتًا بميت آخر؟
هناك أشخاص أعرفهم وأحبهم كثيرًا، وعندما يرحل أحدهم، لا أقدم التعازي لذويهم، وإذا فعلت ذلك، فإن كلماتي تكون سريعة ومستهلكة، ثم أعاتب نفسي بسؤال قاسٍ لا ينتظر إجابة: كيف تجرؤ على إنهاء حياة بكلمات جوفاء ميتة؟
إن هروبي من مجالس العزاء هو محاولة للحفاظ على ذكرى الفقيد حية في داخلي، وأواسي نفسي بالاعتقاد بأن المفقود قد ضاع في دهاليز الحياة، وأنني سأجده يومًا ما، لنتذكر سويًا ما فعلناه في هذه الدنيا.
من خلال تصوري الخاص، يمكن إلغاء الفقد من خلال إبقاء من نحب في أعماقنا وقلوبنا، ويمكننا أن نستحضر حضور كل مفقود بإلقاء التحية والسلام عليه كلما جال بخاطرنا.
أحبابنا هم جزء لا يتجزأ من ذواتنا، فكيف لنا أن نقطع هذا الجزء باليقين بأننا فقدناهم، أو دفناهم تحت التراب، ولا يليق بالتراب أن يمحو حيًا، فالحياة الحقيقية هي أن تبقى حاضرًا في قلب من تحب، أما الموت الحقيقي فهو أن تدفن من تحب تحت التراب، وبين طيات أيامك.
من تعشقه الروح لا يموت أبدًا، وإن سرت على نهج ابن عربي بأن ماء الحياة هو العشق المتأجج!
فكيف يمكن للإنسان أن يحيا دون ماء يروي ظمأه؟
أبقوا على جذوة عشقكم متقدة لمن تحبون - سواء كانوا حاضرين أو غائبين - فهم الماء الذي يروي أرواحكم..
والماء مهما نضب وتلاشى، فإنه سيظل ماءً في جوهره.
بهذا التخلي، تظل جذوة الحياة متقدة في داخلي، حتى وإن صرت مجرد ذكرى باهتة!
إن مجالس التأبين تُعد منغصًا للحياة ومُعكرًا لصفوها.
فكلما فقدت شخصًا عزيزًا، لجأت إلى التأبين محاولًا ردم الفجوة التي خلفها في صرحك الذاتي.
جميع الراحلين هم بمثابة لبنات تتهاوى من كياننا، فلا نجد سبيلًا سوى الانغماس في حزن عميق على ما فقدناه من ذواتنا.
ما أسرع انقضاء الزمن وتبدل الأحوال!
وكلما مضينا قدمًا في هذه الحياة، فقدنا جزءًا من أرواحنا، مما يجعلنا نستشعر دنو الأجل.
إن جرار الفخار قد صُنع من الطين، ومهما طال استخدامه، فإنه حتمًا سينكسر، والانكسار يعني فقدان الحالة الطبيعية، وتصبح مجرد شظية بعد أن كانت إناءً ذا قيمة!
كلنا أوانٍ لا نزال قيد الاستعمال من قبل القدر والآخرين، ولكننا في نهاية المطاف سنغدو مجرد كسرات لا يجمع بيننا سوى أثر الانكسار!
ليس للانكسار عمر محدد، فقد تنكسر الآنية بين يدي صانعها، وقد تعمر لتصبح إرثًا تاريخيًا أو أداة استدلال أثري، ومهما طال بنا الزمان، فمصيرنا الانكسار!
لذا، لا أكره أمرًا بعينه قدر كراهيتي للتأبين، أفر منه فرارًا مذعورًا من حيوان مفترس، وغالبًا ما أتجنب تعزية الآخرين في فقيدهم، وذلك لأن لغة العزاء تبدو لي لغة ميتة، فكيف لي أن أعزي ميتًا بميت آخر؟
هناك أشخاص أعرفهم وأحبهم كثيرًا، وعندما يرحل أحدهم، لا أقدم التعازي لذويهم، وإذا فعلت ذلك، فإن كلماتي تكون سريعة ومستهلكة، ثم أعاتب نفسي بسؤال قاسٍ لا ينتظر إجابة: كيف تجرؤ على إنهاء حياة بكلمات جوفاء ميتة؟
إن هروبي من مجالس العزاء هو محاولة للحفاظ على ذكرى الفقيد حية في داخلي، وأواسي نفسي بالاعتقاد بأن المفقود قد ضاع في دهاليز الحياة، وأنني سأجده يومًا ما، لنتذكر سويًا ما فعلناه في هذه الدنيا.
من خلال تصوري الخاص، يمكن إلغاء الفقد من خلال إبقاء من نحب في أعماقنا وقلوبنا، ويمكننا أن نستحضر حضور كل مفقود بإلقاء التحية والسلام عليه كلما جال بخاطرنا.
أحبابنا هم جزء لا يتجزأ من ذواتنا، فكيف لنا أن نقطع هذا الجزء باليقين بأننا فقدناهم، أو دفناهم تحت التراب، ولا يليق بالتراب أن يمحو حيًا، فالحياة الحقيقية هي أن تبقى حاضرًا في قلب من تحب، أما الموت الحقيقي فهو أن تدفن من تحب تحت التراب، وبين طيات أيامك.
من تعشقه الروح لا يموت أبدًا، وإن سرت على نهج ابن عربي بأن ماء الحياة هو العشق المتأجج!
فكيف يمكن للإنسان أن يحيا دون ماء يروي ظمأه؟
أبقوا على جذوة عشقكم متقدة لمن تحبون - سواء كانوا حاضرين أو غائبين - فهم الماء الذي يروي أرواحكم..
والماء مهما نضب وتلاشى، فإنه سيظل ماءً في جوهره.
